Category Archives: 4.الإبستمولوجيا : نقد النتائج

نقد النتائج

4. الإبستمولوجيا : نقد النتائج.

مندل مكتشف قوانين الوراثة

لكل بحث علمي نزوع إمبريالي : فغالبا ما لا نعتقد أو نتوقع أنه يمكن لعلماء ممتازين أو حذرين في ميدان أبحاثهم الخاصة ، تبعا لاكتشاف علمي في ميدان محدد من ميادين العلم ، أن يدعوا إمكانية مد وتمطيط اكتشافاتهم خارج الحدود التي تحد فيها هذه النتائج تطبيقاتها، وهاك مثلا معروفا : وهو تمديد قوانين ” مندل ” إلى نقل موهبة موسيقية ، وراثية زعما ، في كنف عائلة ج.س. باخ . وإذا كنا قد اخترنا لتوضيح هذا المثال صفحة من مقرر القسم النهائي D ، فلا يجب الاعتقاد بأن هذا النوع من التعميمات شبه العلمية هو وقف على مؤلفي هذا المقرر أو وقف على علماء من الدرجة الثانية. إن المؤلفين المذكورين هنا لديهم ضمانة يوفرها لهم عدد كبير من البيولوجيين وعلماء النفس الذين لا يعدمون شهرة مستحقة مقابل أبحاث جادة ، و لا من الشهادات التي هي إقرار بهذه الشهرة. لنذكر هنا على سبيل المثال ريبو وجالتون وجان روستان ، وإن كانت وضعيته أحيانا أكثر تفردا.

بقراءتنا للنص أسفله ، والذي ينزع نحو تطبيق قوانين مندل على انتقال الموهبة أو الملكة الموسيقية ، فإن القارئ يستطيع بنفسه وبسهولة أن يمارس تمرينا من تمارين الإبستمولوجيا النقدية . لنشر إلى بعض الملاحظات: إن النص يتحدث عن ” وراثة القدرات ” ، في حين أن قوانين مندل لا تطبق إلا على وراثة السمات والخصائص والصفات الوراثية، ومن جهة أخرى فإن مفهوم ” الموهبة الموسيقية ” ملئ باللايقينيات والغموض : فخاصية أو صفة وراثية كالكلف أو النمش أو لون العينين مثلا هي متميزة جذريا عن ” قدرة ” ما ، وذلك لأن السمة لا تقبل الزيادة و لا النقصان . إننا يمكن أن نكون موسيقيين جيدين أكثر أو اقل، وهذه الخاصية تتوقف على حكم ذاتي، في حين أن سمة معينة يمكن أن تظهر أو لا تظهر في شخص ما. إن النقد الأول الذي يمكن توجيهه لهذا النص هو أنه يعرض دراسة بدون موضوع من جهة، كما أن التماثل هنا مع قوانين ” مندل ” هو أكثر من مشكوك فيه، ما دامت ” القدرة ” لا تظهر أو تظهر قليلا لدى النساء، وأنه لاحترام التوزيع الإحصائي، نفترض في عدد معين منها ” قدرة موسيقية مجهولة “، وهو ـ وذلك أقل ما يمكن أن يقال ـ ما يشكل فرضية ملائمة ad hoc. بيد أنه لكي تكون نظرية ما مقنعة، فإنها لا تطالب بمضاعفة الوقائع غير القابلة للتحقق والثوابت الخفية، ما عدا عندما تكون مسنودة من قبل مجموعة من التأكيدات غير المباشرة لها.

توضح هذه الدراسة السريعة كم هو موهم ومزيف تمديد نظرية محققة من ميدان تطبيقها إلى الظواهر التي لا تستطيع تفسيرها : وأسطورة النص المذكور ـ وكسبب ـ تتمثل في أن ” ميكانيزم الانتقال هو ميكانيزم مجهول “.إننا لا نستطيع ـ ما دامت الشفرة الجينية الإنسانية غير معروفة ورموزها غير مفكوكة ـ الحديث عن وراثة القدرات الذهنية، ووحدها المصالح السياسية، والتي هي فعلا ودائما محافظة أو رجعية ( فالعلماء هم أناس مثلهم مثل الآخرين ) يمكنها أن تحرك غواية خارج ـ علمية كهاته. ومما يشار إليه هو أن أنواع الضلال والغواية هاته تساهم في الغالب في رفض الاعتراف داخل مشكل وراثة القدرات، بمشكل هو ذو صبغة اجتماعية وليست بيولوجية.

• 9.علمنة غريبة لمفهوم ” الملكة الموسيقية “.

” إن دراسة كبريات الأسر والعائلات التي ينتمي إليها الرياضيون والموسيقيون والرسامون ، تزودنا بمعرفة علمية عن وراثة القدرات ، لكن بشرط تدخل (. . .) مجموعة كبيرة من الجينات.

ميكانيزم هذا الانتقال غير معروف”.

ج.س. ديزيري وآلي

العلوم الطبيعية ( الأعمال الموجهة ) بورداس 1968

ص: 345